وفي رواية عن عمر رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع أبي جهل وشيبة ابن ربيعة، فقال أبو جهل: يا معشر قريش! إن محمدا قد شتم آلهتكم وسفه أحلامكم وزعم أن من مضى من آبائكم يتهافتون في النار، ألا! ومن قتل محمدا فله علي مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من فضة! فخرجت متقلدا السيف متنكبا كنانتي أريد النبي صلى الله عليه وسلم، فمررت على عجل يذبحونه فقمت أنظر إليهم، فإذا صائح يصيح، من جوف العجل يا آل ذريح أمر نجيح رجل يصيح بلسان فصيح، يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فعلمت أنه أرادني، ثم مررت بغنم فإذا هاتف يهتف يقول:
يا أيها الناس ذوو الأجسام* ما أنتم وطائش الأحلام
ومسـندوا الحكم إلى الأصنام* فكلكـم أراه كالأنعام
أما ترون ما أرى أمامي*من ساطع يجلو دجى الظلام
قد لاح للناظر من تهــام* أكــرم به لله من إمام
قد جاء بعد الكفر بالإسلام* والبر والصلات للأرحام
فقلت: والله ما أراه إلا أرادني، ثم مررت بالضمار (بالضمار: ضمار: صنم عبده العباس بن مرداس السلمي ورهطه) فإذا هاتف من جوفه:
ترك الضمار وكان يعبد وحده* بعد الصلاة مع النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى* بعد ابن مريم من قريش مهتد
سيقول من عبد الضمار ومثله* ليت الضمار ومثله لم يعبد
فاصبر أبا حفص فإنك آمن* يأتيك عز غير عز بني عدي
لا تعجلن فأنت ناصر دينه* حقا يقينا باللسان وباليد
فوالله لقد علمت أنه أرادني! فجئت حتى دخلت على أختي فإذا خباب ابن الأرت عندها وزوجها! فقال خباب: ويحك يا عمر! أسلم، فدعوت بالماء فتوضأت ثم خرجت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: قد استجيب لي فيك يا عمر! أسلم، فأسلمت وكنت رابع أربعين رجلا ممن أسلم، ونزلت (ياأيها النبي حسبك الله ومن تبعك من المؤمنين).